الدَّين الخارجي المصري إلى 200 مليار دولار… إفلاس سياسي
4 أيام مضت
المقالات
295 زيارة
محمود الليثي – عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في مصر
لم يكن إعلان صندوق النقد الدولي توقعَه بلوغَ الدين الخارجي لمصر ٢٠٢ مليار دولار بحلول عام ٢٠٣٠، بعد أن كان ١٦٢ مليار دولار في ٢٠٢٤، مجرد خبر اقتصادي عابر، بل هو مؤشر خطير على انهيار الدولة، وافتضاح فشل النظام الحاكم الذي يركب موجة الاستدانة حلا وحيدا لما خلقه من أزمات. فالاقتراض صار نهجًا متعمدًا وممنهجًا، لا لإقامة نهضة حقيقية ولا لتحقيق اكتفاء اقتصادي، بل لتغطية فشل مستمر وتبعية سياسية مذلة، ما يجعل من الأزمة الاقتصادية في مصر اليوم أزمة كاشفة لأزمة أكبر: أزمة نظام، وليست مجرد أزمة إدارة.
الحقائق الاقتصادية كما يقرّ بها صندوق النقد الدولي
في تقريره الأخير توقع صندوق النقد أن تقفز ديون مصر الخارجية إلى ٢٠٢ مليار دولار بحلول عام ٢٠٣٠، مقارنة بـ١٦٢.٧ مليار دولار في العام المالي ٢٠٢٤/ ٢٠٢٥. ورأى الصندوق أن هذا التصاعد يعكس مخاطر عالية على «الاستقرار السيادي». ولم يكتفِ الصندوق بهذه الأرقام، بل ربط تقديم القروض القادمة بضرورة تنفيذ «إصلاحات هيكلية» تشمل: توسيع القاعدة الضريبية، وتقليص الدعم «غير الموجه»، وتقليص سيطرة الدولة (خاصة الكيانات العسكرية) على الاقتصاد، وتعزيز الشفافية والحوكمة، والإسراع في «خصخصة» الشركات العامة.
هذا الكلام، وإن بدا من باب النصيحة الاقتصادية، فإنه قرارات واجبة التنفيذ وتعبر عن الوجه الاستعماري لصندوق النقد، الذي لا يرى في الدول المستدينة سوى سوقًا لفرض شروطه، وإخضاعًا سياسيًا واقتصاديًا طويل المدى. وهذا ما يكشفه الاقتصاديون الغربيون أنفسهم، وخاصة جون بيركنز (John Perkins) في كتابه الشهير «الاغتيال الاقتصادي للأمم» (Confessions of an Economic Hitman)، حيث يعترف بأنه كان ضمن شبكة خبراء اقتصاديين يُرسَلون إلى دول العالم الثالث – ومنهم مصر- تحت غطاء «المساعدة الفنية والاستشارية»، بينما الهدف الحقيقي كان: الهيمنة على اقتصاد هذه الدول وتكبيل هذه الشعوب.
جون بيركنز، الذي عمل مستشارا اقتصاديا لدى شركات أميركية عملاقة تعمل مع البنك الدولي وصندوق النقد، اعترف صراحة في كتابه بأن هناك «نظامًا عالميًا للاستغلال»، قوامه إغراق الدول بالديون، وربطها بمشاريع ضخمة لا حاجة لها، ثم استعبادها سياسيًا واقتصاديًا. يقول بيركنز: «لقد كنا نُقنع الدول النامية باقتراض أموال هائلة لمشاريع ضخمة تعود فوائدها علينا نحن لا عليهم، ثم نجد أنفسنا نملك رقبتهم… فإذا خرج رئيس دولة عن الخط المرسوم له، يُستبدل أو يُقتل».
إن هذه الشهادة –وهي شهادة لم يُدلِ بها مفكر مسلم وإنما اقتصادي أمريكي عمل في قلب المنظومة الغربية– تُبرز أن المسألة ليست اقتصادية تقنية بحتة، بل هي أداة استعمار وسيطرة، وأن القروض ليست إلا سلاحًا خفيًا لا يقل فتكًا عن المدافع.
وفي حالة مصر، فإن الزيادة المتوقعة في الدين الخارجي إلى أكثر من ٢٠٠ مليار دولار بحلول ٢٠٣٠، بحسب توقعات صندوق النقد نفسه، ليست إلا فصلًا جديدًا في هذا المسلسل الخطير. والكارثة أن هذه الزيادة لا تقابلها زيادة في الإنتاج الحقيقي، ولا بنية تحتية صناعية مستقلة، بل تصبّ في مشروعات تخدم طبقة محدودة وتُدار وفق منطق رأسمالي غربي.
كيف يحصل التغوّل الغربي على الشعوب؟
يعدد بيركنز في كتابه المذكور الأساليب بما يلي:
١: توريط الدول في ديون ضخمة لا يمكن سدادها:
«كنا نضع خططًا اقتصادية خيالية للدول النامية تبهر الحكومات، ونجعلها تعتمد على قروض ضخمة من البنك الدولي وصندوق النقد لتمويلها. لم يكن الهدف تطوير هذه الدول، بل جعلها غير قادرة على سداد القروض، ومن ثم إخضاعها». وهو تمامًا ما حدث في مصر، حيث قُدّمت مشروعات ضخمة (العاصمة الإدارية – القطار الكهربائي – محطات طاقة)، وكلها بقروض ضخمة تفوق قدرة الدولة على سدادها، مما يُرغمها على الرضوخ الكامل لشروط الغرب.
٢: فرض الخصخصة وسلب الملكية العامة:
«حين تعجز الدول عن سداد ديونها، نطالبها ببيع قطاعاتها الحيوية، منها الماء والكهرباء والبنوك، لصالح شركات أمريكية متعددة الجنسيات، بزعم الخصخصة والإصلاح». وقد بيعت بالفعل عشرات الشركات المصرية العامة في موجات الخصخصة، وطرحت أصول جديدة للبيع مؤخرًا تحت برنامج «الطروحات»، استجابة لشروط صندوق النقد.
٣- تحطيم السيادة الاقتصادية والسياسية للدول:
«نجعل الحاكم حليفًا دائمًا لنا، لأنه يشعر بأن بقاءه مرهون برضانا، ويظن أنه يحقق نهضة اقتصادية، بينما هو ينفذ مخططًا لخدمة مصالحنا.» وهذا بالضبط ما يفسّر رهان نظام السيسي على رضا صندوق النقد، رغم علمه بكلفة ذلك على الشعب، من زيادة ضرائب، وإلغاء دعم، وتجميد الأجور، ورفع أسعار الخدمات الأساسية.
إن ما يُسمّى بالإصلاح الهيكلي لا يهدف إلى تطوير الدول، بل إلى تفكيكها اقتصاديًا وإعادة تشكيلها وفق نموذج رأسمالي استهلاكي تابع:
توسيع القاعدة الضريبية = تحميل الفقراء كلفة الأزمة.
إلغاء الدعم عن السلع دون تعويض الفقراء بدعم مباشر = تجويع الناس لترضى بأي فتات.
الخصخصة = سرقة المال العام والملكية العامة وتمكين الغرب وشركاته من البلاد وثرواتها ومواردها بالقانون.
تحرير السوق = ترك الثري يفترس الفقير، ونهب ما تبقى له من جهد ومدخرات من طريق التضخم المستمر.
شفافية الحوكمة = تعني عندهم كشف كل أوراق الدولة أمام الشركات الأجنبية.
وهذا يعيدنا إلى خلاصة بيركنز حين قال: «لقد أنشأنا إمبراطورية لا تحتاج إلى جيوش، بل إلى ديون مستحقة.»
الديون الخارجية التي تفرضها المؤسسات الدولية ليست مجرد أدوات تمويل، بل هي سلاسل حديثة لاستعباد الشعوب، وصندوق النقد ليس «مُعينًا على التنمية»، بل هو الوجه المالي للاستعمار الأمريكي.
وما يقدّمه من «نصائح اقتصادية» ليس سوى حزمة شروط استعمارية تجعل من مصر (وغيرها) سوقًا مفتوحًا، وعاملًا رخيصًا، وخزانًا للمواد الخام، ومصرفًا مفتوحًا للأرباح الأجنبية. يقول جون بيركنز: «الهدف ليس مساعدة الدول على النهوض، بل السيطرة عليها باسم الاقتصاد.»
يمكن قراءة هذه الزيادة المخيفة في الدين من الزوايا التالية:
نظام الحكم التابع لا يمتلك مشروعًا اقتصاديًا ذاتيًا. فالسيسي ونظامه لا يديرون دولة ذات سيادة، بل يديرون ملفًا وظيفيًا في خدمة أمريكا والدوائر الرأسمالية العالمية، ومشاريعهم لا تعود على الأمة بأي منفعة، بل تُثقل كاهلها بالضرائب والاستدانة والقهر، ومزيد من التبعية والارتهان.
المشاريع التي تموَّل بالقروض لا طائل منها ولا نفعل لها، بل هي غالبًا مشاريع استعراضية (عاصمة إدارية – قطارات سريعة – جسر الملك سلمان – أبراج الساحل)، تعود بالنفع على فئة محدودة من رجال الأعمال والجيش، بينما يُطلب من عامة الناس التقشف وشدّ الحزام.
غياب الرقابة والمحاسبة من الأمة، بسبب تغييب الإسلام عن الحكم، وانعدام المحاسبة الحقيقية التي توقف هذا الانهيار، وهو ما يسمح للسلطة بالمضي في هذه الكارثة دون حسيب أو رقيب.
تبعية النظام للمؤسسات الدولية، وخصوصًا لصندوق النقد والبنك الدولي، هي ركيزة أساسية في هذه الأزمة. فكل قرض يُمنح، هو في حقيقته حلقة من حلقات الاستعمار الناعم، وأداة لفرض التبعية وإحكام السيطرة.
وصندوق النقد ليس مؤسسة بريئة، بل ذراع سياسية بامتياز، فهو يفرض قوانين و»إصلاحات» تُملي الخصخصة، ورفع الدعم، وفرض الضرائب، والاعتماد على السوق الحر، وهي أمور مخالفة تمامًا لنظام الإسلام الاقتصادي الذي يرفض الضرائب الجائرة، ويمنع تمليك الثروات العامة للأفراد، ويحرّم خصخصة الملكية العامة. والقبول بشروط صندوق النقد الدولي يُخرج الدولة من دائرة السيادة إلى التبعية، ويجعلها خاضعة لقرارات ومصالح الغرب».
إنّ الحكم الشرعي في هذا الباب واضح من حيث الأصل:
الاقتراض الخارجي من الدول الكافرة أو من المؤسسات الدولية المرتبطة بها محرم شرعًا، لأنه يورّث التبعية السياسية، ويجعل للدائن سلطانًا على المدين، (وَلَن يَجۡعَلَ ٱللَّهُ لِلۡكَٰفِرِينَ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ سَبِيلًا).
الربا الذي يصاحب هذه القروض محرّم لذاته، والنظام المصري يقترض بفوائد مركبة، وهو ما يدخل في دائرة الربا الصريح الذي قال الله فيه: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ ٱلرِّبَوٰٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ٢٧٨).
إن الخروج من هذه الأزمة ليس في إعادة جدولة الديون، ولا في بيع أصول الدولة، ولا في المزيد من التقشف وسحق الفقراء. بل الحل في مشروع حضاري وتغيير جذري حقيقي، يقوم على الأسس التالية:
أولا: يجب إنهاء التبعية للغرب ومؤسساته المالية، فيجب وقف التعامل مع صندوق النقد الدولي، ورفض كل إملاءاته، وإلغاء كل القروض الربوية، واعتبارها ديونًا سياسية باطلة لا يجب سدادها شرعًا، وعدم الاعتراف بأي التزامات مالية نشأت من عقود باطلة أو مخالفة للشرع. فالأمة الإسلامية لا تستمد سياساتها من أعدائها.
ثانيا: بناء الاقتصاد على أساس الإسلام، واعتماد تصنيع ثقيل ونقد ذهبي واقتصاد منتج لا استهلاكي، في نظام يعدّ الثروات الطبيعية كالنفط والغاز والمعادن ومرافق الدولة الأساسية (الكهرباء، المياه، النقل العام) ملكية عامة لا تجوز خصخصتها، بل توزع عائداتها على الأمة. ويحرّم الربا والاحتكار، ويمنع تركيز المال في يد فئة قليلة. ولا يسمح بتوجيه ثروات الأمة لخدمة أغنياء العالم، بل توظَّف لكفاية المسلمين وعزة الإسلام.
فهو نظام يحصّل الزكاة من الأغنياء ويضعها في مصارفها الشرعية، وهذا وحده يسد الحاجات الأساسية دون ديون.
ونظام يعيد قاعدة الذهب والفضة نقدين بذاتهما أو بأوراق نائبة عنهما، وهذه القاعدة قوة لنقود الدولة في ذاتها وحماية للأمة من التضخم، ما يجعلها لا تتأثر بالكوارث والنكبات. ويمنع التبعية للأسواق العالمية التي تفرض شروطها.
ونظام يوجب على الدولة أن تنشئ الصناعات الثقيلة والمعدنية والتي تقوم على أساس حربي، ويكون هذا هو أساس التصنيع والصناعات. فالأمة لا يمكن أن تنهض ما لم تبنِ قاعدة صناعية مستقلة، تبدأ من الصناعات الخفيفة حتى تصل إلى الصناعات النووية، وهي مهمة شرعية على الدولة القيام بها.
ونظام يوجب أن تزرع الدولة محاصيلها الإستراتيجية وتصنع هي بنفسها دواءها وسلاحها ولا تشتريه من عدوها كما هو حاصل الآن. ويوجب تمكين الناس من الانتفاع بالأرض وتملكها بالإحياء من طريق الزراعة، وللإعمار دون أي أعباء أو ضرائب، وضمان حرية الإنتاج دون تدخل الدولة في السوق بطريقة مفسدة.
استعادة الثروات المنهوبة: مثل قناة السويس ومناجم الذهب وشركات البترول والغاز، التي يجب أن تُعاد لملكية الأمة من حيث هي ملكية عامة.
إن النظام الاقتصادي الإسلامي لا يعرف الاستدانة من الغرب ولا المؤسسات الربوية الاستعمارية، بل يعتمد الاكتفاء الذاتي الكامل في تمويل المشاريع، وخاصة الصناعات الثقيلة التي تُعدّ العمود الفقري لنهضة الأمة وتمكينها من الاستقلال الاقتصادي والسياسي.
والصناعات الثقيلة – ومنها صناعة الطائرات، والسفن، والدبابات، والمفاعلات، والأجهزة الدقيقة، ومعدات الاستخراج وتشكيل المعادن- لا بد أن تكون أولوية للدولة الإسلامية، وهي من الضروريات وليست من الكماليات، لأن الدولة الإسلامية يجب أن تمتلك القدرة على الدفاع والهجوم، وهذا لا يكون إلا عبر التصنيع العسكري والتقني المتقدم، لا باستيراد سلاح مشروط من الغرب.
أما الزراعة والتجارة فلا تكفيان لإقامة كيان مهيمن، بل لا بد من الصناعة، خصوصًا الثقيلة، التي تؤمن للأمة الاكتفاء، وتحفظ سيادتها، وتمنع وقوعها تحت الابتزاز الاقتصادي الدولي. لذا فدولة الخلافة لا تكتفي بتشجيع الورش الحرفية، بل تضع خططًا مركزية واضحة لبناء قاعدة صناعية ثقيلة. والدولة تملك أدوات تمويل ذاتية لتأسيس هذه الصناعات ودعمها، منها:
إيرادات الفيء والأنفال والغنائم.
وعوائد الملكيات العامة (كالنفط والغاز والمعادن والمياه).
وأموال الزكاة (في مواضعها).
والضرائب المؤقتة التي تفرض عند الحاجة الحقيقية، على الأغنياء فقط.
أما عن السياسة النقدية، فإن الإسلام لا يجيز اتخاذ عملات ورقية غير نائبة عن الذهب أو الفضة، بل يجب أن تكون النقود من الذهب والفضة أو الأوراق النائبة عنها المعادلة لقيمة الموجود منها. فالرسول B لم يربط الدينار والدرهم إلا بالوزن، لا بالاصطلاح أو القوة القانونية. وهذا يجعل العملة الإسلامية مستقرة وغير خاضعة للتضخم أو سيطرة الأسواق العالمية كما يحصل اليوم بالجنيه المصري المرتبط فعليًا بالدولار. فلا يجوز أن تُربط العملة بالدولار، ولا أن تكون العملة ورقية غير نائبة عن الذهب أو الفضة، لأن ذلك مخالف للأحكام الشرعية المتعلقة بالنقد، ويؤدي إلى تآكل أموال الناس وتسلط الدول الكبرى على اقتصاد الدولة الإسلامية.
وبهذا النظام، لا تحتاج دولة الإسلام إلى صندوق النقد الدولي، ولا إلى الاقتراض الخارجي، بل تبني اقتصادًا إنتاجيًا لا استهلاكيًا، قائمًا على الزراعة والصناعة الثقيلة والتجارة المحكومة بالشرع، وتوظف ثروات الأمة المنهوبة اليوم لصالح المسلمين، لا لإرضاء الدائنين أو الصناديق الأجنبية.
ثالثا: نظام حكم يحاسب ويمنع الفساد: ففي ظل الإسلام وحكمه وفي ظل دولته الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، تُربط كل سياسة بالحكم الشرعي. ويكون على الأمة واجب محاسبة الحكام، عبر ما أقره الشرع من كيفيات. ويُعزل كل من يثبت فساده أو خيانته، ويُحاكم أمام القضاء.
ما يحدث اليوم هو نتيجة طبيعية لسكوت العلماء، وتخدير الشعوب، وتسويق الأوهام. إن الواجب الشرعي يفرض على كل مسلم غيور أن يكشف حقيقة النظام القائم وعمالته للغرب وخيانته للأمة، وأن يبين أن الاستدانة المستمرة هي عمل غير مشروع، وأن يدعو إلى مشروع الإسلام الكامل، نظامًا واقتصادًا وحكمًا، وأن يعمل مع العاملين لإقامة دولة الخلافة الراشدة التي تطبق الإسلام وتحفظ ثروات الأمة وتحميها من هيمنة الغرب وتبعيته بكل أشكالها وصورها.
ولا يمكن تنفيذ هذا المشروع إلا بدولة مبدئية، ترفض التبعية، وتحمل الإسلام عقيدةً ونظامًا. ولذلك فإن إقامة الخلافة هي شرط ضروري لتحرير القرار الاقتصادي والسياسي من هيمنة الغرب.
إن أزمة الديون في مصر ليست مجرد خلل في الإدارة، ولا مشكلة في «سوء التوزيع»، بل هي نتيجة طبيعية لسياسات رأسمالية تابعة فُرضت على الأمة منذ سقوط الخلافة، ورُبطت فيها البلاد بشبكة دولية من القروض والربا، أدارها الغرب عبر أدواته كمثل صندوق النقد والبنك الدولي.
ولا حل حقيقيا يحرر الأمة ويضمن كرامتها ونهضتها إلا العودة إلى الإسلام نظامًا عمليًا تطبقه دولة الخلافة الراشدة، فتقطع يد المستعمر، وتبني الاقتصاد على أساس العقيدة، وتعيد للأمة سلطانها ونفوذها.
أيها المخلصون في جيش الكنانة: يا أهل القوة والمنعة في أرض الكنانة، إن بلادكم تُغرق في الديون، وتُباع ثرواتها قطعة قطعة، باسم «الإصلاح الاقتصادي»، وهو في الحقيقة خراب ممنهج.
وإنكم أنتم الأقدر على إنهاء هذه المأساة، لا بإعادة تدوير النظام الفاسد، بل بخلع هذه الطغمة العميلة، ونصرة مشروع الخلافة الراشدة الذي يحرر البلاد والعباد من الاستعباد الاقتصادي والسياسي.
(يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ ٱلرِّبَوٰٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ ٢٧٨)
1447-02-17