الزبير بن العوام… حواريُّ رسول الله وفارس الإسلام
ساعة واحدة مضت
المقالات
1 زيارة
عبد المحمود العامري – اليمن
الزبير بن العوام بن خويلد القرشي الأسدي، ابن عمة النبي ﷺ (صفية بنت عبد المطلب)، وكان من أوائل من أسلم. إذ كان واحدا من السبعة الأوائل الذين سارعوا إلى الإسلام، وأسهموا في طليعته المباركة في دار الأرقم. دعاه الصديق رضي الله عنه إلى الإسلام، فكان من أوائل من أسلموا على يد أبي بكر الصديق، فقيل إنه كان رابع من أسلم أو خامسهم. هاجر إلى الحبشة في الهجرة الأولى ولم يُطِل الإقامة فيها. وتزوج أسماء بنت أبي بكر، وهاجرا إلى يثرب التي سُميت فيما بعد بالمدينة المنورة، فولدت له عبد الله بن الزبير، فكان أول مولود من الذكور للمهاجرين في المدينة.
والزبير هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وكان يُكنى بـأبي عبد الله وأبي الطاهر. وهو أحد الستة المرشحين للخلافة بعد مقتل عمر رضي الله عنه.
نسبه:
هوَ الزُّبَيْرُ بن العَوَّام بن خُوَيْلِد بن أسَدَ بن عبد العُزَّى بن قُصَي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وأبوه العَوَّام هو أخو أم المؤمنين خديجة بنت خويلد زوجة رسول الله ﷺ.
أمه: صَفيّةُ بنت عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصيّ بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وهي عمة نبينا محمد ﷺ.
مولده ونشأته:
ولد الزبير في مكة المكرمة قبل الهجرة بنحو 28 سنة، أي في عام 594م تقريبًا. نشأ في بيت شريف من بيوت قريش، وعُرف بالشجاعة منذ صغره، وقد ربّته أمه صفية تربية صارمة، وكان يقول: “كانت تضربني حتى أكون رجلاً”.
أسلم الزبير وهو ابن ست عشرة سنة، وقيل ابن اثنتي عشرة سنة، وقيل ابن ثمان سنوات وكان من السابقين الأولين إلى الإسلام، رغم ما لقيه من أذى وتعذيب. عُذّب من قِبل عمه الذي كان يُحرقه بالبخور حتى يكاد يختنق، فيقول الزبير: “والله لا أعود للكفر أبدًا”.
زواجه:
تزوج الزبير من أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، ذات النطاقين، وأنجب منها عبد الله بن الزبير الذي كان من سادات المسلمين. وكان بيته بيت إيمان وجهاد وصبر، وكانت أسماء خير عون له في حياته. ولقد تزوج غيرها أيضاً. وله من الأبناء عبد الله وعروة والمنذر وعاصم والمهاجر وجعفر وعبيدة وعمرو وخالد ومصعب وحمزة، وله من البنات خديجة الكبرى وخديجة الصغرى وأم الحسن وعائشة وحبيبة وسودة وهند ورملة وزينب.
الزبير في حياة نبينا محمد ﷺ:
شهد الزبير بن العوام جميع الغزوات والمشاهد مع نبينا محمد ﷺ، وكان من الفرسان، وأُصِيبَ جسده بكثير من الطعن والرمي؛ فكان به أكثر من ثلاثين طعنة، فقال علي بن زيد: «حَدَّثَنِي مَنْ رَأَى الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ صَدْرُهُ كَأَنَّهُ الْعُيُونُ مِنَ الطَّعْنِ وَالرَّمْيِ». وقال الحسن البصري: «كَانَ بِالزُّبَيْرِ بِضْعَةٌ وَثَلَاثُونَ ضَرْبَةً، كُلُّهَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ». وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: «لَمَّا أَتَى عَلِيٌّ رضي الله عنه بِسَيْفِ الزُّبَيْرِ جَعَلَ يُقَلِّبُهُ وَيَقُولُ: سَيْفٌ طَالَمَا جَلَا الْغَمَّ عَنْ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ». وَرُوِيَ عن بعض التابعين، قال: «صَحِبْتُ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فَأَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ بِأَرْضِ قَفْرٍ، فَقَالَ: اسْتُرْنِي، فَسَتَرْتُهُ فَحَانَتْ مِنِّي الْتَفَاتَةٌ، فَرَأَيْتُهُ مُجَدَّعًا بِالسُّيُوفِ، قُلْتُ: وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ بِكَ آثَارًا مَا رَأَيْتُهَا بِأَحَدٍ قَطُّ، قَالَ: وَقَدْ رَأَيْتَهَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ مَا مِنْهَا جِرَاحَةٌ إِلَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ.»، ورُوِى أن النبي كان يضرب له أربعة أسهم من الغنائم، سهما له، وسهمين لفرسه، وسهما من سهام ذوي القربي.
قَتَل الزبير في غزوة بدر عبيدة بن سعيد بن العاص فيقول: «لَقِيتُ يَومَ بَدْرٍ عُبَيْدَةَ بنَ سَعِيدِ بنِ العَاصِ وهو مُدَجَّجٌ، لا يُرَى منه إلَّا عَيْنَاهُ، وهو يُكْنَى أبو ذَاتِ الكَرِشِ، فَقالَ: أنَا أبو ذَاتِ الكَرِشِ، فَحَمَلْتُ عليه بالعَنَزَةِ فَطَعَنْتُهُ في عَيْنِهِ فَمَاتَ. قالَ هِشَامٌ: فَأُخْبِرْتُ أنَّ الزُّبَيْرَ قالَ: لقَدْ وضَعْتُ رِجْلِي عليه، ثُمَّ تَمَطَّأْتُ، فَكانَ الجَهْدَ أنْ نَزَعْتُهَا وقَدِ انْثَنَى طَرَفَاهَا. قالَ عُرْوَةُ: فَسَأَلَهُ إيَّاهَا رَسولُ اللَّهِ ﷺ فأعْطَاهُ، فَلَمَّا قُبِضَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ أخَذَهَا، ثُمَّ طَلَبَهَا أبو بَكْرٍ فأعْطَاهُ، فَلَمَّا قُبِضَ أبو بَكْرٍ سَأَلَهَا إيَّاهُ عُمَرُ، فأعْطَاهُ إيَّاهَا، فَلَمَّا قُبِضَ عُمَرُ أخَذَهَا، ثُمَّ طَلَبَهَا عُثْمَانُ منه، فأعْطَاهُ إيَّاهَا، فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ وقَعَتْ عِنْدَ آلِ عَلِيٍّ، فَطَلَبَهَا عبدُ اللَّهِ بنُ الزُّبَيْرِ، فَكَانَتْ عِنْدَهُ حتَّى قُتِلَ».
وأُصِيب الزبير بضربتين في غزوة بدر، فعن عروة قال: «كان في الزبير ثلاث ضربات: إحداهن في عاتقه، إن كنت لأدخل أصابعي فيها، ضرب ثنتين يوم بدر، وواحدة يوم اليرموك». وكان الزبير يلبس عمامة صفراء يوم بدر، فنزلت الملائكة وعليها عمائم صفر، فقال النبي: “إِنَّ الْمَلائِكَةَ نَزَلَتْ عَلَى سِيمَاءِ الزُّبَيْرِ.”إذ إنّه في غزوة بدر قاتل قتال الأبطال، وكان من أشجع من حمل السيف.
غزوة أحد
في غزوة أحد ثبت مع النبي ﷺ حين فر كثير من الناس.
لقد شهد الزبير بن العوام غزوة أحد، وكان من الذين انتدبهم نبينا محمد ﷺ ليتتبعوا جيش قريش بعد انتهاء المعركة، فعن عائشة قالت: “﴿الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾، قالتْ لِعُروَةَ: يا ابنَ أُختي، كانَ أبَوكَ منهُم: الزُّبَيْرُ وأبو بكرٍ، لما أصاب رسولَ الله ﷺ ما أصابَ يومَ أُحُدٍ، وانصَرَفَ عنه المُشرِكونَ، خافَ أنْ يَرْجِعوا، قال: مَن يَذهَبُ في إثْرِهِم. فانتدَبَ مِنهُم سَبْعينَ رَجلًا، قال: كان فيهم أبو بكرٍ والزُّبَيرُ.”
ولما رجع المسلمون إلى المدينة المنورة بعد أحد ومعهم الأسرى أمره رسول الله ﷺ أن يضرب عنق أبي عزة الجمحي، قال ابن هشام: “كان رسول الله ﷺ أسره ببدر، ثم مَنَّ عليه (أي بالفداء)، فقال: يا رسول الله، أقلني، فقال رسول الله ﷺ: والله لا تمسح عارضيك بمكة بعدها وتقول خدعت محمدًا مرتين، اضرب عنقه يا زبير، فضرب عنقه”.
غزوة الخندق
في غزوة الخندق أرسله النبي ﷺ لتقصي خبر بني قريظة، وقال فيه: “فداك أبي وأمي”.
شهد الزبير غزوة الخندق، وقتل فيها نوفل بن عبد الله بن المغيرة المخزومي، يقول ابن إسحاق: «فضربه فشقه باثنتين حتى فلَّ في سيفه فلّا، وانصرف وهو يقول:
إني امرؤ أحمي وأحتمي *** عن النبي المصطفى الأمي
»ولما سرت الشائعات بين المسلمين بأن قريظة قد نقضت عهدها معهم، وكان رسولُ الله ﷺ يخشى أن تنقض بنو قريظة العهد الذي بينهم وبينه، ولذلك انتدب الزبير بن العوام ليأتيه من أخبارهم، فعن جابر بن عبد الله بن حرام قال: «قال رسول الله ﷺ يوم الأحزاب من يأتينا بخبر القوم فقال الزبير: أنا، ثم قال: من يأتينا بخبر القوم، فقال الزبير: أنا، ثم قال: من يأتينا بخبر القوم، فقال الزبير: أنا، ثم قال: إن لكل نبي حواريّا وإن حواريّ الزبير»، فذهب الزبير، فنظر ثم رجع فقال: «يا رسول الله، رأيتهم يصلحون حصونهم ويدربون طرقهم، وقد جمعوا ماشيتهم»، وجمع النبي أبويه للزبير في ذلك اليوم، فقال له: «فداك أبي وأمي»، فعن عبد الله بن الزبير قال: «كنتُ يومَ الأحزابِ جعلتُ أنا وعمرُ بنُ أبي سلمةَ في النساءِ، فنظرتُ فإذا أنا بالزبيرِ على فرسهِ يختلف إلى بني قريظةَ مرتينِ أو ثلاثًا، فلما رجعتُ قلتُ: يا أبتِ رأيتُكَ تختلفُ ؟ قال: أو هل رأيتَني يا بنيَّ؟ قلتُ: نعمْ، قال: كان رسولُ اللهِ ﷺ قال: من يأتِ بني قريظةَ فيأتيني بخبرِهم. فانطلقتُ، فلما رجعتُ جمعَ لي رسولُ اللهِ ﷺ أبويهِ فقال: فداكَ أبي وأُمِّي».
غزوة خيبر
شهد الزبير غزوة خيبر، وقتل فيها ياسر بن أبي زينب اليهودي أخا مرحب، فذكر ابن إسحاق: “أن أخا مرحب وهو ياسر، خرج بعده وهو يقول: هل من مبارز؟فزعم هشام بن عروة أن الزبير خرج له، فقالت أمه صفية بنت عبد المطلب: يقتل ابني يا رسول الله، فقال: «بل ابنك يقتله إن شاء الله»، فالتقيا فقتله الزبير. فكان الزبير إذا قيل له: والله إن كان سيفك يومئذ صارما، يقول: “والله ما كان بصارم، ولكني أكرهته”.
فتح مكة
فتح مكة وحنين وتبوك: كان من قادة الصف الأول.
كان الزبير بن العوام ممن أرسلهم رسول الله ﷺ مع علي بن أبي طالب ليمسكوا بالمرأة التي كانت تحمل رسالة حاطب بن أبي بلتعة، فذهب علي والزبير والمقداد، فأمسكوا بالمرأة في «روضة خاخ» على بعد اثني عشر ميلاً من المدينة، وهددوها أن يفتشوها إن لم تُخرج الكتابَ فسلمته لهم.
ولما دخل المسلمون مكة كان الزبير حامل إحدى رايات المهاجرين الثلاث في فتح مكة، حيث جعل النبي ﷺ خالد بن الوليد على المجنبة اليمنى وجعل الزبير على المجنبة اليسرى وجعل أبا عبيدة على البياذقة. وكانت راية الأنصار مع سعد بن عبادة، فلما مرَّ بأبي سفيان قال له: «اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الحرمة، اليوم أذل الله قريشاً»، فلما حاذى رسولُ الله ﷺ أبا سفيان قال: «يا رسول الله ألم تسمع ما قال سعد؟»، قال: «وما قال؟»، فقال: كذا كذا، فقال عثمان وعبد الرحمن بن عوف: «يا رسول الله، ما نأمن أن يكون له في قريش صولة»، فقال رسول الله ﷺ: «بل اليوم يوم تعظم فيه الكعبة، اليوم يوم أعز الله فيه قريشاً»، ثم أرسل إلى سعد فنزع منه اللواء، ودفعه إلى ابنه قيس بن سعد بن عبادة، وقيل إن اللواء لم يخرج عن سعد، وقيل: بل دفعه إلى الزبير.
ونصب الزبير راية الإسلام بالحجون عند مسجد الفتح، وضُرِبَ له هناك قبة، فلم يبرح حتى جاءه الرسول ﷺ، فقال له العباس بن عبد المطلب: “يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَهَا هُنَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ تُرْكِزَ الرَّايَةَ؟”.
في عهد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم:
بعد موت رسول الله ﷺ كان الزبير من جملة الحرس الذين يحرسون المدينة، لأن كثيرا من قبائل العرب قد ارتدت، وطمع كثير من الأعراب في المدينة، فجعل أبو بكر الصديق رضي الله عنه على أنقاب المدينة حرسًا يبيتون حولها، منهم علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبي وقاص. وقاتل الزبير مع أبي بكر الصديق في حروب الردة، ثم خرج للقتال بالشام.
معركة اليرموك
كان الزبير بن العوام فيمن شهد معركة اليرموك، وكانت في أواخر خلافة أبي بكر وبداية خلافة عمر بن الخطاب، يقول ابن كثير: “وقد كان فيمن شهد اليرموك الزبير بن العوام، وهو أفضل من هناك من الصحابة، وكان من فرسان الناس وشجعانهم، فاجتمع إليه جماعة من الأبطال يومئذ فقالوا: ألا تحمل فنحمل معك؟ فقال: إنكم لا تثبتون. فقالوا: بلى، فحمل وحملوا فلما واجهوا صفوف الروم أحجموا وأقدم هو، فاخترق صفوف الروم حتى خرج من الجانب الآخر، وعاد إلى أصحابه ثم جاؤوا إليه مرة ثانية، ففعل كما فعل في الأولى، وجرح يومئذ جرحين بين كتفيه، وفي رواية: جرحًا”. فعن عروة قال: كان في الزبير ثلاث ضربات: إحداهن في عاتقه، إن كنت لأدخل أصابعي فيها، ضرب ثنتين يوم بدر، وواحدة يوم اليرموك.
فتح مصر
شارك الزبير في فتح مصر، فلما سار عمرو بن العاص لفتح مصر؛ طلب المدد من الخليفة عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه، فأرسل له مددا بِقيادة الزبير بن العوام، ويذكر المُؤرخون المُسلمون أنَّ المدد الذي بعث به الخليفة إلى عمرو بن العاص كان اثني عشر ألف مُقاتل، ويذكر بعضُهم أيضًا أنَّهُ كان عشرة آلاف فقط، واغتبط المسلمون بقدوم كبار الصحابة أمثال الزبير بن العوام وعبادة بن الصامت والمقداد بن الأسود ومسلمة بن مخلد الأنصاري.
وذكر شمس الدين الذهبي أنه لما خرج الزبير غازيًا نحو مصر، كتب إليه أمير مصر عمرو بن العاص: «إن الأرض قد وقع بها الطاعون، فلا تدخلها»، فقال: «إنما خرجت للطعن والطاعون»، فدخلها، فلقي طعنة في جبهته فأفرق.
وكان للزبير دورٌ بارزٌ في فتح حصن بابليون، حيث اعتلى الزبير بن العوام مع نفر من المسلمين السور وكبَّروا، فظنَ أهل الحصن أنَّ المسلمين اقتحموه، فهربوا تاركين مواقعهم، فنزل الزبير وفتح باب الحصن لأفراد الجيش الإسلامي فدخلوه. وفي رواية أنَّ الزبير ارتقى السور، فشعرت حامية الحصن بِذلك، ففتحوا الباب لعمرو وخرجوا إليه مصالحين، فقبل منهم. ونزل الزبير عليهم وخرج على عمرو من الباب معهم، وبذلك تم فتح حصن بابليون. وشهد الزبير على عقد الصلح الذي أعطاه عمرو بن العاص لأهل مصر.
لما طُعِن عمر بن الخطاب ودنت وفاته، أوصى بأن يكون الأمر شورى بعده في ستة ممن توفي نبينا محمد ﷺ وهو عنهم راضٍ، وهم: عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوفوسعد بن أبي وقاص.
مقولته المشهورة:
قال الزبير بن العوام: نحن أمة لا تموت إلا قتلى فمالي أرى الفراش قد كثر عليها الأموات.
استشهاده:
شارك في جميع الغزوات في حياة رسول الله ﷺ، فكان قائد الميمنة في غزوة بدر، وكان حامل إحدى رايات المهاجرين الثلاث في فتح مكة، وكان ممن بعثهم عمر بن الخطاب بمدد إلى عمرو بن العاص في فتح مصر، وجعله عمر بن الخطاب في الستة أصحاب الشورى الذين ذكرهم للخلافة بعده، وقال: «هم الذين توفي رسول الله ﷺ وهو عنهم راض.» وبعد مقتل عثمان بن عفان خرج إلى البصرة مطالبًا بالقصاص من قتلة عثمان فقَتَله عمرو بن جرموز في موقعة الجمل، فكان قتله في رجبٍ سنة ستٍّ وثلاثين من الهجرة، وله أربع وستُّون سنة. وكان قد اعتزل القتال بعدما تذكّر وصية النبي ﷺ له حين قال: “إنك ستقاتل عليًا وأنت له ظالم”، فرجع عن القتال ولكن تم غدره فاستُشهد.
فرحم الله الزبير إذ كان رمزا للفارس المسلم الذي لا يرضى بالذل، ولا يسكت على الباطل، ولا يتخلى عن الإسلام.
1446-11-28